موضوع جامد مووووت!! متى تصحه الحكومة

لا عندهم فطنة.. ولا شجاعة أذاعت قناة «الجزيرة» مساء أمس الأول خبراً، يؤكد أن عدة بنوك فرنسية قررت تجميد ٤٢٠ مليون دولار من أموال الحكومة المصرية لديها، لصالح شركة «ماليكورب» البريطانية، التي كانت قد دخلت في نزاع قضائي دولي، بينها وبين شركة مصر للطيران، انتهي إلي التحكيم الدولي في باريس!.واستضافت القناة مسؤول الشركة الذي كان متهللاً وضاحكاً وسعيداً للغاية، وهو يشرح للمشاهدين كيف كسب التحكيم الدولي، في معركته مع مصر للطيران، ثم راحت «الجزيرة» تبث الخبر طول الليل، علي شريط الأخبار وكأنه نصر مُبين!!.والمعني الوحيد لهذا الخبر المؤسف، أن مصر وقعت في أخطاء تعاقدية منذ البداية، مما أعطي الخصم البريطاني فرصة اللجوء إلي التحكيم الدولي.. ولم يكن هذا هو خطأنا الوحيد، وإنما أضفنا إليه، خطيئة أخري، وهي ترك الموضوع حتي يصل إلي هذا المستوي، من الخصومة والتقاضي.. فليس سراً، أن أي قضية من هذا النوع يظل من الممكن حلها بالتسوية، بين الطرفين، قبل اللجوء إلي التحكيم الدولي.. ويظل الطرفان حريصين علي التسوية أياً كان شكلها ونتائجها، لأن أي طرف منهما، لا يضمن ـ مهما كان موقفه ـ أن يجيء التحكيم الدولي في صالحه، إذا ذهب إليه.وبالتالي فلم تكن المشكلة هي وقوع خلاف بين مصر للطيران وبين الشركة إياها، فوقوع أي خلاف أمر طبيعي ووارد، وإنما كانت الخطيئة الكبري التي وقع فيها المسؤولون المصريون هي الانتظار بدم بارد حتي ينتقل الخلاف من القاهرة إلي باريس، ثم يتولاه القضاء الدولي، ونحن نائمون في العسل، لا لشيء إلا أن المسؤول عن الموضوع من جانبنا كان في إمكانه منذ اللحظة الأولي ـ لو أراد ـ أن يطلب التسوية، وأن تحصل الشركة الخصم علي ٥٠ مليون دولار، مثلاً، بدلاً من أن تحصل علي مشهد من العالم علي ثمانية أضعاف ونصف! حتي ولو كان الحكم حكماً نظرياً.. ولكن المسؤول الهمام، لا يدفع شيئاً من جيبه، ولن يدفع، في كل الأحوال بطبيعة الحال.. فالمال مال سايب وبلا صاحب سواء كان ٥٠ أو ٤٢٠ مليون دولار، كما أن إرغام الحكومة المصرية علي دفع ٤٢٠ مليون دولار، أو حتي ضعف هذا المبلغ، مسألة لم تكن تهم المسؤول عن الملف فيما يبدو، لأن المال ليس ماله، ولأن هذا الشعب المنكوب بمسؤولين علي هذه الدرجة من عدم الوعي، هو الذي سوف يدفع مُرغماً، إذا دفع في نهاية المطاف من المال العام!!إن أحداً لا ينكر حجم الجهود الجبارة التي تبذلها مصر للطيران، لإرضاء عملائها، علي مستوي العالم.. ولا أحد يستطيع أن ينكر حجم الرغبة في الإنجاز والعمل والنجاح عند الوزير أحمد شفيق.. ولكن عندما تأتينا ضربة عنيفة من هذا النوع، ونحن غافلون، فليس لها معني إلا أننا نبدد ثلاثة أضعاف قيمة أرض سيدي عبدالرحمن في لحظة!!.. وليس لها معني، إلا أن لدينا مسؤولين تنقصهم الفطنة وأكاد أقول تنقصهم الشجاعة في أمور لا تحتمل سوء التقدير ولا العبث.. ولا التهريج!!. مع تحتاتى سوزى